ملامي النوى في ظلمها غاية الظلم

مَلامي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ

لَعَلَّ بِها مِثلَ الَّذي بي مِنَ السُقمِ

فَلَو لَم تَغَر لَم تَزوِ عَنّي لِقاءَكُم

وَلَو لَم تُرِدكُم لَم تَكُن فيكُمُ خَصمي

أَمُنعِمَةٌ بِالعَودَةِ الظَبيَةُ الَّتي

بِغَيرِ وَلِيٍّ كانَ نائِلَها الوَسمي

تَرَشَّفتُ فاها سُحرَةً فَكَأَنَّني

تَرَشَّفتُ حَرَّ الوَجدِ مِن بارِدِ الظُلمِ

فَتاةٌ تَساوى عِقدُها وَكَلامُها

وَمَبسِمُها الدُرِّيُّ في الحُسنِ وَالنَظمِ

وَنَكهَتَها وَالمَندَلِيُّ وَقَرقَفٌ

مُعَتَّقَةٌ صَهباءُ في الريحِ وَالطَعمِ

جَفَتني كَأَنّي لَستُ أَنطَقَ قَومِها

وَأَطعَنَهُم وَالشُهبُ في صورَةِ الدُهمِ

يُحاذِرُني حَتفي كَأَنِّيَ حَتفُهُ

وَتَنكُزُني الأَفعى فَيَقتُلُها سُمّي

طِوالُ الرُدَينِيّاتِ يَقصِفُها دَمي

وَبيضُ السُرَيجِيّاتِ يَقطَعُها لَحمي

بَرَتني السُرى بَريَ المُدى فَرَدَدنَني

أَخَفُّ عَلى المَركوبِ مِن نَفَسي جِرمي

وَأَبصَرَ مِن زَرقاءِ جَوٍّ لِأَنَّني

إِذا نَظَرَت عَينايَ ساواهُما عِلمي

كَأَنّي دَحَوتُ الأَرضَ مِن خِبرَتي بِها

كَأَنّي بَنى الإِسكَندَرُ السَدَّ مِن عَزمي

لِأَلقى اِبنَ إِسحاقَ الَّذي دَقَّ فَهمُهُ

فَأَبدَعَ حَتّى جَلَّ عَن دِقَّةِ الفَهمِ

وَأَسمَعَ مِن أَلفاظِهِ اللُغَةَ الَّتي

يَلَذُّ بِها سَمعي وَلَو ضُمِّنَت شَتمي

يَمينُ بَني قَحطانَ رَأسُ قُضاعَةٍ

وَعِرنينُها بَدرُ النُجومِ بَني فَهمِ

إِذا بَيَّتَ الأَعداءَ كانَ اِستِماعُهُم

صَريرُ العَوالي قَبلَ قَعقَعَةِ اللُجمِ

مُذِلُّ الأَعِزّاءِ المُعِزُّ وَإِن يَئن

بِهِ يُتمُهُم فَالموتِمُ الجابِرُ اليُتمِ

وَإِن تُمسِ داءً في القُلوبِ قَناتُهُ

فَمُمسِكُها مِنهُ الشِفاءُ مِنَ العُدمِ

مُقَلَّدُ طاغي الشَفرَتَينِ مُحَكَّمٍ

عَلى الهامِ إِلّا أَنَّهُ جائِرُ الحُكمِ

تَحَرَّجَ عَن حَقنِ الدِماءِ كَأَنَّهُ

يَرى قَتلَ نَفسٍ تَركَ رَأسٍ عَلى جِسمِ

وَجَدنا اِبنَ إِسحاقَ الحُسَينِ كَجَدِّهِ

عَلى كَثرَةِ القَتلى بَريئاً مِنَ الإِثمِ

مَعَ الحَزمِ حَتّى لَو تَعَمَّدَ تَركَهُ

لَأَلحَقَهُ تَضيِيعُهُ الحَزمَ بِالحَزمِ

وَفي الحَربِ حَتّى لَو أَرادَ تَأَخُّراً

لَأَخَّرَهُ الطَبعُ الكَريمُ إِلى القُدمِ

لَهُ رَحمَةٌ تُحيّ العِظامَ وَغَضبَةٌ

بِها فَضلَةٌ لِلجُرمِ عَن صاحِبِ الجُرمِ

وَرِقَّةُ وَجهٍ لَو خَتَمتَ بِنَظرَةٍ

عَلى وَجنَتَيهِ ما اِنمَحى أَثَرُ الخَتمِ

أَذاقَ الغَواني حُسنُهُ ما أَذَقنَني

وَعَفَّ فَجازاهُنَّ عَنّي عَلى الصُرمِ

فِدىً مَن عَلى الغَبراءِ أَوَّلُهُم أَنا

لِهَذا الأَبِيِّ الماجِدِ الجائِدِ القَرمِ

لَقَد حالَ بَينَ الجِنِّ وَالأَمنِ سَيفُهُ

فَما الظَنُّ بَعدَ الجِنِّ بِالعُربِ وَالعُجمِ

وَأَرهَبَ حَتّى لَو تَأَمَّلَ دِرعَهُ

جَرَت جَزَعاً مِن غَيرِ نارٍ وَلا فَحمِ

وَجادَ فَلَولا جودُهُ غَيرَ شارِبٍ

لَقيلَ كَريمٌ هَيَّجَتهُ اِبنَةُ الكَرمِ

أَطَعناكَ طَوعَ الدَهرِ يا اِبنَ اِبنِ يوسُفٍ

لِشَهوَتِنا وَالحاسِدو لَكَ بِالرُغمِ

وَثِقنا بِأَن تُعطي فَلَو لَم تَجُد لَنا

لَخِلناكَ قَد أَعطَيتَ مِن قُوَّةِ الوَهمِ

دُعيتُ بِتَقريظيكَ في كُلِّ مَجلِسٍ

وَظَنَّ الَّذي يَدعو ثَنائي عَلَيكَ اِسمي

وَأَطعَمتَني في نَيلِ مالا أَنالُهُ

بِما نِلتُ حَتّى صِرتُ أَطمَعُ في النَجمِ

إِذا ما ضَرَبتَ القِرنَ ثُمَّ أَجَزتَني

فَكِل ذَهَباً لي مَرَّةً مِنهُ بِالكَلمِ

أَبَت لَكَ ذَمّي نَخوَةٌ يَمَنِيَّةٌ

وَنَفسٌ بِها في مَأزِقٍ أَبَداً تَرمي

فَكَم قائِلٍ لَو كانَ ذا الشَخصُ نَفسَهُ

لَكانَ قَراهُ مَكمَنَ العَسكَرِ الدَهمِ

وَقائِلَةٍ وَالأَرضَ أَعني تَعَجُّباً

عَلَيَّ اِمرُؤٌ يَمشي بِوَقري مِنَ الحِلمِ

عَظُمتَ فَلَمّا لَم تُكَلَّم مَهابَةً

تَواضَعتَ وَهوَ العُظمُ عُظماً عَنِ العُظمِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان المتنبي، شعراء العصر العباسي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان أبو الطيب المتنبي
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
أبو الطيب المتنبي

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان قيس بن الملوح
قيس بن الملوح

يقول لي الواشون ليلى قصيرة

يَقولُ لِيَ الواشونَ لَيلى قَصيرَةٌ فَلَيتَ ذِراعاً عَرضُ لَيلى وَطولُها وَإِنَّ بِعَينَيها لَعَمرُكَ شُهلَةً فَقُلتُ كِرامُ الطَيرِ شُهلٌ عُيونُها وَجاحِظَةٌ فَوهاءُ لا بَأسَ إِنَّها مُنى

ديوان لسان الدين بن الخطيب
لسان الدين بن الخطيب

جهاد هوى لكن بغيري ثوابي

جِهَادُ هَوىً لَكِنْ بِغَيْرِي ثَوَابي وَشَكْوَى جَوىً لَكِنْ بِغَيْرِي جَوَابِي وَعُمْرٍ تولى في لَعَلَّ وَفي عَسى وَدَهْرٍ تَقَضَّى فِي نَوى وَعِتَابِ أَمَا آنَ لِلْمُنْبَتِّ فِي

ديوان عمر بن أبي ربيعة
عمر بن أبي ربيعة

ما على الرسم بالبليين لو

ما عَلى الرَسمِ بِالبُلَيَّينِ لَو بَي يَنَ رَجعَ التَسليمِ أَو لَو أَجابا فَإِلى قَصرِ ذي العُشيرَةِ فَالطا ئفِ أَمسى مِنَ الأَنيسِ يَبابا موحِشاً بَعدَما أَراهُ

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر أحمد شوقي - البعد أَدناني إِليك فهل ترى

شعر أحمد شوقي – البعد أَدناني إِليك فهل ترى

البُعدُ أَدْنَانِي إِلَيكَ فَهَل تُرى تَقْسُو وَتَنفُرُ أَمْ تَلِينُ وَتَرفُقُ فِي جَاهِ حُسنِكَ ذِلَّتي وَضَراعَتي فَاِعطِف فَذاكَ بِجاهِ حُسنِكَ أَليَقُ — أحمد شوقي معاني المفردات:

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً