مقيم من الهم لا يقلع

مُقيمٌ مِنَ الهَمِّ لا يُقلِعُ


وَماضٍ مِنَ العَيشِ لا يَرجِعُ


وَيَومٌ أَشَمُّ بِإِقبالِهِ


وَيَومٌ بِإِدبارِهِ أَجدَعُ


لَأَخفَقَ مَن عَلِقَت بِالمُنى


يَداهُ وَأَثرى الَّذي يَقنَعُ


وَما الذُلُّ إِلا خِداعُ اللَئيمِ


وَالحُرُّ بِالذُلِّ لا يُخدَعُ


رَأَينا الرَجاءَ عَلى نَأيِهِ


رِشاءً وَكُلُّ يَدٍ تَنزِعُ


بُليتُ وَغَيرِيَ لا يُبتَلى


بِأَمرَينِ ما فيهِما مَطمَعُ


بِدَهرٍ أَلومُ وَلا يَرعَوي


وَمَولىً أَقولُ وَلا يَسمَعُ


وَإِنّي إِذا ما اِستَطالَ الزَمانُ


أَنجَدَني صاحِبٌ أَروَعُ


وَنَفسٌ عَلى صَبرِها مُرَّةٌ


وَقَلبٌ عَلى رَأيِهِ مُجمِعُ


أَخوضُ بِهِ كُلَّ دَوَّيَّةٍ


يَزِلُّ بِها الخَفُّ أَو يَظلَعُ


بِكُلَّ مُقَلَّدَةٍ بِالنَسوعِ


كَأَنَّ اللُغامَ لَها بُرقُعُ


يَصيحُ الحَصى تَحتَ أَخفافِها


فُنوناً وَيَصطَخِبُ اليَرمَعُ


وَإِنّي لَأوعِبُ في جِلدِها


وَلِلرَكبِ هَملَجَةٌ زَعزَعُ


أُقيمُ وَخَدُّ الضُحى أَبيَضٌ


وَأَسري وَوَجهُ الدُجى أَسفَعُ


وَأَمضي إِذا بَلَّدَ المُستَغيرُ


وَهابَ الثَنِيَّةَ مَن يَطلُعُ


وَأُشلي عَلى المُقرَباتِ السِياطَ


إِذا ضَمَّها البَلَدُ البَلقَعُ


وَأورِدُها الخِمسَ في لُجمِها


تَبَرَّضُ ما أَلِفَت تَكرَعُ


تَعَجَّبُ مِنها وُحوشُ الفَلاةِ


تَسري وَأَسرابُها رُتَّعُ


أَرى النَومَ يَنبو بِهِ ناظِري


وَكُلُّ العُيونِ لَهُ مَربَعُ


وَمَن ضاقَتِ الأَرضُ عَن هَمِّهِ


حَرٍ أَن يَضيقَ بِهِ مَضجَعُ


لَئِن كانَ أَحزَنَ بي مَنزِلٌ


فَمِن قَبلُ أَمرَعَ لي مَرتَعُ


عَلى أَنَّني عِندَ عَضِّ الزَمانِ


صَفاةٌ يَضَنَّ بِها المَقطَعُ


لَقَد عافَ أَموالَهُ مَن يَجودُ


وَقَد طَلَّقَ النَفسَ مَن يَشجُعُ


وَأَبيَضَ يَومَ الوَغى حاسِرٍ


تَرَدّى بِقائِمِهِ الدُرَّعُ


تَحُفُّ مَضارِبُهُ ماءَهُ


كَما حَفَّ وادِيَهُ الأَجرَعُ


وَأَسمَرَ يَهتَزُّ في راحَتي


كَما هَزَّتِ القَلَمَ الإِصبَعُ


وَزُغفٍ تَحَدَّرُ عَن بَيضَةٍ


كَأَنَّ الأَغَمَّ بِها أَنزَعُ


يُذَكِّلُ لي سَطَواتِ الزَما


نِ سَيفي وَمِثلِيَ لا يَخضَعُ


تَطاوَلتُ لِلبَرقِ لَمّا سَرى


وَعُنقي إِلى مِثلِهِ أَتلَعُ


فَما لِيَ لا أَستَعيدُ الجَوى


وَقَد لاحَ لي بارِقٌ يَلمَعُ


وَأَبذُلُ قَلباً بِأَمثالِهِ


تَضَنُّ الجَوانِحُ وَالأَضلُعُ


أَلا إِنَّ قَلبَ الفَتى مُضغَةٌ


تَضُرُ وَلَكِنَّها تَنفَعُ


وَأَبلَجَ أَعدَدتُهُ لِلخُطوبِ


طوداً إِلى ظِلِّهِ أَرجِعُ


كَريمِ الوَفاءِ أَمينِ الإِخاءِ


باقٍ عَلى العَهدِ لا يُقلِعُ


سَريعٍ إِلى دَعوَتي في الأُمو


رِ إِنّي إِلى صَوتِهِ أَسرَعُ


جَلَوتُ بِهِ الدَمعَ عَن ناظِري


وَكانَ عَلى غَيرِهِ يَدمَعُ


وَكَفكَفتُ عَمِّن سِواهُ يَدي


وَكُنتُ أَرى الماءَ لا يُشبِعُ


دَعَوتُكَ يا ناصِري في الهَوى


وَكانَ إِلى وُدِّكَ المَفزَعُ


أَتانِيَ أَنَّكَ طَوَّحتَ بِال


زِيارَةِ عَن عارِضٍ يَقطَعُ


لَقَد نالَ شَكواكَ مِن مُهجَتي


كَما نالَ مِن عِرقِكَ المِبضَعُ


دَمٌ جاشَ شُؤبوبُهُ عَن يَدٍ


يُقَلِّبُها البَطَلُ الأَروَعُ


مُفيضٌ وَلَكِنَّهُ غايِضٌ


وَخَرقٌ وَلَكِنَّهُ يُرقَعُ


وَلَو أَنَّ لي فُسحَةً في الزَمانِ


جاءَكَ بي القَدَرُ الأَسرَعُ


وَإِن غِبتُ عَنكَ فَإِنَّ الفُؤادَ


عِندَكَ ما فاتَهُ مَوضِعُ


يَعوجُ عَليكَ فَلا يَنثَني


وَيَشرَبُ مِنكَ فَلا يَنقَعُ


وَإِنّي لَتَعطِفُني المُطمِعاتُ


عَلَيكَ كَما عُطِفَ الأَخدَعُ


وَلَولاكَ لَم أَعتَرِف بِالغَرامِ


وَلا قيلَ إِنَّ الفَتى موجَعُ


وَما فَضلُ شَوقِيَ لَولا البُكا


ءُ وَالشَوقُ عُنوانُهُ الأَدمُعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان الشريف الرضي
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
الشريف الرضي

الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان أبو نواس
أبو نواس

يا ليت زجر العائفية حاضري

يا لَيتَ زَجرَ العائِفِيَّةِ حاضِري إِذ حِرتُ بَينَ كِتابِها وَالطالِعِ خَتَمَت عَلى الشَكوى إِلَيَّ بِخاتِمٍ نَقَشَت عَلَيهِ رُبَّ هَجرٍ نافِعي Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان

المكزون السنجاري

دار سلمى سقاك دمعي الهامي

دارَ سَلمى سَقاكِ دَمعِيَ الهامي إِن تَعَدّى ثَراكِ صَوبُ الغَمامِ وَلَعَمري إِنَّ السَحابَ وَمُستَج ديهِ كُلٌّ إِلى غَديرَكِ ظامِ وَحَماكِ الرَحبُ الأَنيقُ وَأَهلو كِ المَنايا

ديوان الشاب الظريف
الشاب الظريف

ومقرىء طيب الألحان هيج في

وَمُقْرِىءٌ طيِّبُ الألحانِ هَيَّج في قَلْبي غَراماً بِما مِنْ فيهِ يُلَحِّنُهْ يَموتُ في حُبِّهِ تلْميذهُ كَلَفاً لأَجْلِ ذاكَ إذا وَافى يُلقِّنُهْ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر أبو العتاهية - طلبت المستقر بكل أرض

شعر أبو العتاهية – طلبت المستقر بكل أرض

طلبتُ المستقَرَّ بكلِّ أرْضٍ …. فلمْ أرَ لِي بأرضِ مستقرّاً أطَعتُ مَطامِعي فاستَعَبَدَتني، … ولَوْ أنِّي قنعتُ لَكُنْتُ حرَّاً – أبو العتاهية Recommend0 هل أعجبك؟نشرت

عمر الفتى ذكره لا طول مدته - الميكالي

عمر الفتى ذكره لا طول مدته – الميكالي

عُمرُ الفَتى ذِكرُهُ لا طُولُ مُدَّتِهِ وَمَوتُهُ خُزيه لا يومُهُ الداني فَأَحي ذِكرَك بِالإِحسانِ تُودِعُهُ تَجمع بِذَلِكَ في الدُنيا حَياتانِ — الميكالي Recommend0 هل أعجبك؟نشرت

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً