كم ذا سرى بالموت عنا مدلج

كَم ذا سَرى بِالموتِ عنّا مُدْلِج

أَبكي اِشتِياقاً بي إليه وأنشِجُ

وَأوَدُّ أنّي ما تعرّى جانبي

مِنّي ولَم يُخرجْهُ عنّي مُخرجُ

وَكَذا مَضى عنّا القُرونُ يكبُّهُمْ

خَطْبٌ أخو سَرفٍ وصَرْفٌ أعوجُ

خَدَعَتْهُمُ الدّنيا بِرائقِ صِبْغِها

وَاِقتادَهُمْ شوقاً إليها الزِّبْرجُ

فَتَطامَحوا وَتَطاوحوا بيد الرّدى

وَتَقوّموا ثُمّ اِنثنَوْا فتعوّجوا

وَكأنّهمْ لمّا عموا بظلامِ أرْ

ماسٍ لهمْ ما أشرقوا أو أبْلجوا

لَم ينجِهمْ وَقد اِلتَوى بهمُ الرّدى

وإليه يُمضي أو عليهِ يُعَرَّجُ

وَهوَ الزّمان فمسْمِنٌ أو مُهزِلٌ

طولَ الحياةِ ومحزنٌ أو مُبهِجُ

وَمسلِّمٌ لا يَبْتَلِي ومُسالمٌ

وموادِعٌ لا يختلِي ومُهَيِّجُ

والمرءُ إمّا راحلٌ أو قد دنا

منه وما يدري الرّحيلُ المزعجُ

بينا تراه في النّديِّ مُنشِّراً

حتى تراه في الحفيرة يُدرَجُ

تسري به نحو الرّدى طولَ المدى

بيضٌ وسودٌ كالرّكائب تهدِجُ

وإذا الرّدى كان المصير فما الأسى

منّا على نشَبٍ وثوبٍ يَنْهَجُ

لولا المقادِرُ قاضياتٌ بيننا

خَبْطاً لما سبق الصحيحَ الأعرجُ

يا ناعِيَ ابنِ محمّدٍ ليتَ الّذي

خبّرتَنيهِ عن الحقيقة أعوجُ

أفصحتَ لا أفلحتَ بالنبأِ الّذي

للقلبِ منه توقّدٌ وتوهّجُ

ولَطالما ضنّ الرّجال بمثلِ ما

صرّحتَ عنه فجمجموا أو لَجْلَجوا

يا ذاهباً عنّي ولي من بعده

قلبٌ به متلهّبٌ متأجّجُ

أعززْ عليَّ بأنْ أراك مُسَرْبَلاً

بالموتِ تُدفن في الصّعيد وتُولَجُ

في هُوّةٍ ظلماءَ ليس لداخلٍ

فيها على كرّ اللّيالي مَخْرَجُ

بيني وبينك شاهقٌ لا يُرتقى

طولاً وبابٌ للمنيّة مُرْتَجُ

ويُصَدُّ عنك القاصدون فما لهمْ

أبداً على شِعْبٍ حَلَلْتَ مُعَرّجُ

كم ذا لنا تحت التّراب أناملٌ

تَندى ندىً وَجبينُ وجْهٍ أبْلَجُ

من أين لي في كلِّ يومٍ صاحبٌ

يرضاه منِّي الدّاخل المُتَولِّجُ

هيهاتَ فرّ من الحِمامِ مغامِرٌ

حيناً وكَعَّ عن الحِمامِ مُدَجَّجُ

وكَرَعْتُ منك الودَّ صِرْفاً صافياً

ولَكَمْ نرى ودّاً يُشابُ ويُمزَجُ

لا تُسْلِنِي عنهُ فتسليةُ الفتى

عمّن به شَغَفُ الفؤادِ تهيّجُ

ولَكَمْ غَطا مِنّي التجمّلُ في الحَشى

مِن لاعِجاتٍ في الأضالعِ تَلْعَجُ

فَاِذهَبْ كما شاءَ القضاءُ وكن غداً

في القَومِ إمّا سُوِّدوا أو تُوِّجوا

لَهُمُ بأفنيةِ الجِنانِ مساكنٌ

طابَتْ مَساكِنُها وظلٌّ سَجْسَجُ

وَسَقى ترابَكَ كلُّ مُنخرِقِ الكُلى

يسرِي إذا ما شئتَهُ أو يُدْلِجُ

للرّعد فيه قعاقِعٌ وزماجِرٌ

والبرق فيه توهّجٌ وتموّجُ

والنَّورُ في حافاتِهِ مُتفسِّحٌ

والأُقحوانُ بجانبيهِ مُفَلَّجُ

وَإِذا سَقاكَ اللَّه مِن رَحماتِهِ

فَلأَنْتَ أسعدُ من أتاهُ وأفلجُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان الشريف المرتضى
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
الشريف المرتضى

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان الأخطل
الأخطل

ألا أبلغ أبا الدلماء عني

أَلا أَبلِغ أَبا الدَلماءِ عَنّي بِأَنَّ عِجانَ شاعِرِكُم قَصيرُ فَإِن يَطعُن فَلَيسَ بِذي غَناءٍ وَإِن يُطعَن فَطَعنَتُهُ يَسيرُ مَتى ما يَلقَني وَمَعي سِلاحي يَخِرَّ عَلى

ديوان أبو العتاهية
أبو العتاهية

ألا نادت هرقلة بالخراب

أَلا نادَت هِرَقلَةُ بِالخَرابِ مِنَ المَلِكِ المُوَفَّقِ لِلصَوابِ غَدا هارونَ يَرعُدُ بِالمَنايا وَيَبرُقُ بِالمُذَكَّرَةِ القِضابِ وَراياتٍ يَحُلُّ النَصرُ فيها تَمُرُّ كَأَنَّها قِطَعُ السَحابِ أَميرَ المُؤمِنينَ

ديوان علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب

أفاطم هاك السيف غير ذميم

أَفاطِمَ هاكِ السَيفَ غَير ذَميمِ فَلَستُ بَرَعديدٍ وَلا بِلَئيمِ أَفاطِمَ قَد أَبلَيتُ في نَصرِ أَحمَدٍ وَمَرضاةُ رَبٍّ بِالعِبادِ رَحيمِ أُريدُ ثَوابَ اللَهِ لا شَيءَ غَيرَهُ

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر يزيد بن سنان - تركت الرمح يبرق في صلاه

شعر يزيد بن سنان – تركت الرمح يبرق في صلاه

مَّا أَنْ رَأَيتُ بَنِي حُيَيٍّ عَرفْتُ شَنَاءَتِي فيهم ووِتْرِي رَمَيْتُهُمُ بِوَجْرَةَ إِذْ توَاصَوْا لِيَرْمُوا نَحْرَهَا كَثَباً ونَحْرِي إِذا نفَذَتْهُمُ كَرَّتْ عليهمْ كأَنَّ فَلُوَّها فيهم وبِكْرِي

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً