قلبي بذكرك مسرور ومحزون

قلبي بذكرِكَ مسرورٌ ومحزونٌ

لما تملكه لمحٌ وتلوينُ

فلو رقت في سماءِ الكشفِ همته

لما تملكه وَجدٌ وتكوين

لكنه حاد عن قصدِ السبيل فلم

يظفر به فهو بين الخلقِِ مِسكين

حتى دعتْ من الأشواق داعيةٌ

همت لها نحو قلبي سحبة الجون

وأبرقت في نواحي الجوّ بارقة

أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون

والسحبُ ساريةٌ والريح ذارية

والبرقُ مختطفُ والماءُ مسنون

وأخرجتْ كل ما تحويه من حبس

أرضُ الجسوم وفاح الهندُ والصين

فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة

إلا وفيها من النُّوار تزيين

وكلما لاح في الأجسام من بدعٍ

وفي السرائر معلومٌ وموزونُ

والقلبُ يلتذ في تقليبِ مشهده

بكلِّ وجه من التزيين ضنّين

والجسم فلكٌ ببحرِ الجود يزعجه

ريح من الغرب بالأسرار مشحُون

وراكبُ الفلك ما دامت تسيِّره

ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون

ألقى الرئيسُ إلى التوحيد مقدمه

وفيه للملأ العلويِّ تأمين

فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه

يجري وما فيه تحريكٌ وتسكينُ

إن العناصر في الإنسانِ مُودَعة

نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسنونُ

فأودعِ الوصلَ ما بيني على كثبِ

وبين ربي مفروضٌ ومسنون

فالسرُّ بالله من خَلقي ومن خُلُقي

إذا تحققت موصولٌ وممنون

يقولُ إني قلبُ الحقِّ فاعتبروا

فإن قلبَ كتابِ الله ياسين

من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته

عليّ من دهره في نشأتي حين

لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببي

ولا اللعين الذي ينكيه تنّين

لما تسترت عن صَلصال مملكتي

أخفانِ عن علمه في عينه الطين

فكان يحجبه عني وعن صفتي

غيمُ العمى وأنا في الغيب مخزونُ

فعندما قمتُ فيه صار مفتخراً

يمشي الهوينا وفي أعطافه لِينُ

لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على

عدنٍ وغازلنه حُورٌ بها عِينُ

غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها

لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ

فعندما قام فوقَ العرش بايعه

اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ

فلو تراه وقد أخفى حقيقَته

له فويقَ استواءِ الحقِّ تمكين

فإن تجلى على كونٍ بحكمته

له علا ظهرِ ذاك الكونِ تعيين

فلا يزالُ لمرح الملقيات به

يقول للكائناتِ في الورى كونوا

فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته

في كل كونٍ فذاك القلبُ مغبونُ

فاعلم بأنك لا تدري الإله إذا

ما لم يكن فيك يرموكٌ وصِفِّين

فاعرف إلهك من قبل الممات فإن

تمت فأنت على التقليد مسجونُ

وإن تجليت في شرقي مشهده

علماً تنزه فيك العالُ والدون

ولاح في كلِّ ما يخفى ويظهره

من التكاليف تقبيح وتحسين

فافهم فديتُكَ سرَّاً لله فيك ولا

تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ

وغر عليه وصُنه ما حييتَ به

فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان محيي الدين بن عربي
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
محيي الدين بن عربي

محيي الدين بن عربي

محمد بن علي بن محمد بن عربي أَبوبكر الحاتمي الطائي الأندلسي المعروف بمحي الدين بن عربي. فيلسوف من المتكلمين ، ولد في مرسية بالأندلس وانتقل إلى اشبيلية وقام برحلة فزار الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز، واستقر في دمشق ومات فيها.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان عبد الغني النابلسي
عبد الغني النابلسي

أنا التعين والرب المهين ما

أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما به التعين طوبى للذي فهما هو الوجود القديم المحض جل ولم أزل مُقَدَّرَهُ والحادثَ العدما فرَّقتُ بيني بتحقيق الوجودِ له

ديوان لبيد بن ربيعة
لبيد بن ربيعة

عفا الرسم أم لا بعد حول تجرما

عَفا الرَسمُ أَم لا بَعدَ حَولٍ تَجَرَّما لِأَسماءَ رَسمٌ كَالصَحيفَةِ أَعجَما لِأَسماءَ إِذ لَمّا تَفُتنا دِيارُها وَلَم نَخشَ مِن أَسبابِها أَن تَجَذَّما فَدَع ذا وَبَلِّغ

ابن الوردي

ضامن مكس قد أتى

ضامنُ مكسٍ قدْ أتى في خلعةٍ ملفَّقهْ فقلتُ ماذي خلعةٌ بل لعنةٌ مزوَّقهْ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الوردي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر المتنبي - وليس يصح في الأذهان شيء

شعر المتنبي – وليس يصح في الأذهان شيء

أتَيتُ بِمَنطِقِ العَرَبِ الأَصيلِ وَكانَ بِقَدرِ ما عايَنتُ قيلي فَعارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنهُ بِمَنزِلَةِ النِساءِ مِنَ البُعولِ وَهَذا الدُرُّ مَأمونُ التَشَظّي وَأَنتَ السَيفُ مَأمونُ الفُلولِ

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً