قالوا صبرت على المكروه من نفر

قالوا صبرتَ على المكروهِ من نَفَرٍ

لو شئتَ حكَّمْتَ فيهمْ كفَّ مُنتَصِرِ

تعدو عليكَ رجالٌ لو هممتَ بهِمْ

صاروا فرائسَ بين النابِ والظُّفُرِ

تُغْضِي إِلى أنْ يقالَ العجزُ ألزَمهُ

ذُلّاً وتصبرُ حتى لاتَ مصطَبرِ

حتامَ تحلِم منهم غيرَ منتقِمٍ

والحِلْمُ ينزعُ أحياناً إِلى الخَوَرِ

وهَبْهُمُ الماءَ موّاراً على حَجَرٍ

والماءُ ينقرُ في صَلْدٍ من الحجرِ

فقلتُ إنَّهُمُ عندي وكيدُهُمُ

كالكلبِ إذْ باتَ يعوي صفحةَ القمرِ

إنِّي أبَتْ ليَ أخلاقٌ مهذَّبةٌ

أنْ أُسْلِمَ الحلْمَ بينَ الحِقْدِ والضَّجَرِ

بالرِفقِ أبلُغُ ما أهواهُ من أَرَبٍ

وصاحبُ الخُرْقِ محمولٌ على خَطَرِ

والسمُّ يبلغ في رِفْقٍ مكيدَتهُ

ما ليس يبلغُ كيدَا الصابِ والصَّبرِ

والحِقْدُ كالنارِ في الزندين إنْ تُرِكا

تكمُن وإن أغرِيا بالقَدْحِ تستَعِرِ

وربما ائتَلفَ الضِّدانِ فاعتدَلا

والماءُ والنارُ في نَضْرٍ من الشَّجَرِ

وأكثرُ الناس من يُشقَى بصحبتِه

ومصطَلِي النارِ لا يخلو من الشَّررِ

تشابهٌ في طِباعِ الشَّرِّ بينهمُ

على اختلافٍ من الأهواءِ والصُّوَرِ

يمضي السِّنانُ على مِقدارِ مُنَّتِه

في الطعنِ والوخز أقصَى منه بالإبرِ

إنْ يضطهدْنِيَ مَنْ دونِي فلا عَجَبٌ

هو الزمانُ يصيدُ الصقرَ بالنغرِ

تباركَ اللّهُ عدلاً في قضيّتِهِ

بحكمهِ راعَ ظبياً صولةُ النَّمِرِ

فلا ترومَنَّ إنصافاً وقد شَهِدَتْ

مخالبُ الليثِ أن الظلمَ في الفِطَرِ

قد يُحْرَمُ المرءُ نصراً من أقاربِهِ

حتَّى من السمعِ فيما نابَ والبصَرِ

ويرزقُ النصرَ ممَّن لا يُناسِبُهُ

كما يؤيَّدُ أزرُ القوسِ بالوَتَرِ

ولا يغرَّنْكَ نَورٌ راقَ منظرُهُ

إذا تفتَّقَ عن مُرٍّ من الثَّمَرِ

قد يُدرِكُ الغايةَ القُصْوَى على مَهَلٍ

أخو الهوينا وقد ينبتُّ ذو الخُصُرِ

فاقْنَعْ بميسورِ ما جادَ الزمانُ بهِ

وطالما رَضِيَ المكفوفُ بالعَوَرِ

وربما كان فضلُ المرءِ متلَفَةً

وإنما تلفُ الأصدافِ بالدُّرَرِ

والمرءُ يحسِبُ ما يأتيهِ من حَسَنٍ

منه وينسُبُ ما يجني إِلى القَدَرِ

رُزْنَا الأمورَ فلم نعرفْ حقائِقَها

من بعد فكرٍ فصار الخُبْرُ كالخَبَرِ

فارشحْ بخيرٍ وإن أعيتْكَ مقدرةٌ

فالغُصنُ يُحْطَبُ إن لم يعطِ بالثَّمرِ

والعيشُ كالماء قد يصفو لِشاربِهِ

حيناً ويُشربُ أحياناً على كَدَرِ

حُمْنا عليهِ فلما حانَ مورِدُنا

أقامنا الخوفُ بين الوِرْدِ والصَّدَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الطغرائي، شعراء العصر المملوكي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان الطغرائي
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
الطغرائي

الطغرائي

العميد فخر الكتاب مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الدؤلي الكناني المعروف بالطغرائي (455 - 513 هـ/ 1061 - 1121م) شاعر، وأديب، ووزير، وكيميائي، من أشهر قصائدة لامية العجم.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ابن عبد ربه

إن كنت في قعدد أبنائه

إنْ كنتَ في قُعدُدِ أبنائهِ فقد سقَى أمَّكَ من مائهِ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن عبد ربه، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

الكميت بن زيد

فهل تبلغنيهم على نأي دارهم

فهل تبلغنيِّهم على نأي دارهم نعم ببلاغ الله وجناءُ ذِعْلِبُ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الكميت بن زيد، شعراء العصر الأموي، قصائد

ديوان الشريف المرتضى
الشريف المرتضى

قالت ضننت علينا بالدموع وقد

قالتْ ضَننتَ علينا بالدّموع وقد سرنا ودمعُك منهلٌّ إذا شيتا فقلت لم تدرِ عيني بالفراقِ فلَمْ تمطرْ عليه لأنّي كنتُ مبهوتا ما ضرّ من نعتُهُ

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر صريع الغواني - شكوت إليها حبها فتبسمت

شعر صريع الغواني – شكوت إليها حبها فتبسمت

شَكَوتُ إِلَيها حُبَّها فَتَبَسَّمَت وَلَم أَرَ شَمساً قَبلَها تَتَبَسَّمُ فَقُلتُ لَها جودي فَأَبدَت تَجَهُّماً لِتَقتُلَني يا حُسنَها إِذ تَجَهَّمُ — صريع الغواني Recommend0 هل أعجبك؟نشرت

شعر امرؤ القيس - إني بحبلك واصل حبلي

شعر امرؤ القيس – إني بحبلك واصل حبلي

إِنّي بِحَبلِكَ واصِلٌ حَبلي وَبِريشِ نَبلِكَ رائِشٌ نَبلي — امرؤ القيس شرح البيت: وراش السهم: ركّب فيه الريش، والنبل: السهام، لا واحد له من لفظه.

شعر المتنبي – أبني أبينا نحن أهل منازل

أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا — المتنبي شرح أبيات الشعر:

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً