طربت وهاجتك الديار البلاقع

طَرِبتَ وَهاجَتكَ الدِيارُ البَلاقِعُ

وَعادَكَ شَوقٌ بَعدَ عامَينِ راجِعُ

وَأَوقَدَ ناراً في فُؤادِكَ مُحرِقا

غَداتَئِذٍ لِلبَينِ أَسفَعُ نازِعُ

شَحا فاهُ نُطقاً بِالفُراقِ كَأَنَّهُ

سَليبٌ حَريبٌ خَلفَهُ السِربُ جازِعُ

فَقُلتُ أَلا قَد بَيَّنَ الأَمرُ فَاِنصَرِف

فَقَد راعَنا بِالبَينِ قَبلَكَ رائِعُ

سُقيتُ سِماماً مِن غُرابٍ فَإِنَّما

تَبَيَّنتُ ما حاوَلتَ إِذ أَنتَ واقِعُ

أَلَم تَرَ أَنّي لا مُحِبٌّ أَلومُهُ

وَلا بِبَديلٍ مِنهُمُ أَنا قانِعُ

فَسِر بِكَ عَنّي لا تَرى وَجدَ مُقصَدٍ

لَهُ زَفَراتٌ أَحلَبَتها المَدامِعُ

أَلَم تَرَ دارَ الحَيِّ في رَونَقِ الضُحى

بِحَيثُ اِنحَنَت لِلهَضبَتَينِ الأَجارِعُ

وَقَد يَشعَبُ الأُلّافُ مِن بَعدِ عِزَّةٍ

وَيَصدَعُ ما بَينَ الخَليطَينِ صادِعُ

فَكَم مِن هَوى أَو خَلَّةٍ قَد أَلِفتَهُم

زَماناً فَلَم يَمنَعهُمُ البَينَ مانِعُ

كَأَنّي غَداةَ البَينِ رَهنُ مَنيَّةٍ

أَخو ظَمَإٍ سُدَّت عَلَيهِ المَشارِعُ

تَخلِسُ مَن يَهواهُ ماءَ حَياتِهِ

فَلا الشُربُ مَبذولٌ وَلا هُوَ ناقِعُ

وَبيضُ غِذاهُنَّ النَعيمُ كَأَنَّها

نِعاجُ المَلا جيبَت عَلَيها البَراقِعُ

عِراضُ المَطا قُبَّ البَطونِ كَأَنَّما

وَعى السِرَّ مِنهُنَّ الغَمامُ اللَوامِعُ

تَحَمَّلنَ مِن ذاتِ التَناضُبِ وَاِنبَرَت

لَهُنَّ بِأَطرافِ العُيونِ المَدامِعُ

فَما رِمنَ هَجلَ الدارِ حَتّى تَشابَهَت

هَجائِنُها وَالجونُ مِنها الخَواضِعُ

وَحَتّى حَمَلنَ الحورَ مِن كُلِّ جانِبٍ

وَخاضَت سُدولَ الرَقمِ مِنها الأَكارِعُ

فَلَمّا اِستَوَت تَحتَ الخُدورِ وَقَد جَرى

عَبيرٌ وَمِسكٌ بِالعَرانينِ ساطِعُ

أَشَرنَ بِأَن حُثّوا المَطِيَّ وَقَد بَدا

مِنَ الصَيفِ يَومٌ طَيِّبُ الظِلِّ ماتِعُ

فَقُمنَ يُبارينَ السُدولَ بِوافِرٍ

يُلاعِبُ عِطفَيهِ الجَريرُ وَدافِعُ

وَكُلِّ نَجيباتِ هِجانٍ كَأَنَّها

إِذا رَدَعَت مِنها الخِشاشَةُ طالِعُ

يُعارِصُها عَودٌ كَأَنَّ رُضابَهُ

سُلافَةُ قارٍ سَيَّلَتهُ الأَكارِعُ

رَفيقٌ بِرَجعِ المَرفِقَينِ مُمانِعٌ

إِذا راعَ مِنهُ بِالخِشاشَةِ رائِعُ

عَلَيهِ كَريمُ الخيمِ يَخبِطُ رِجلَهُ

بِرِجلي وَلَم تُسدَد عَلَينا المَطالِعُ

يُجيبُ بِلَبَّيهِ إِذا ما دَعَوتُهُ

عَلى عِلَّةٍ وَالنَجمُ لِلغَورِ طالِعُ

وَلَمّا لَحِقنا بِالحُمولِ تَباشَرَت

بِنا مُفصِداتٌ غابَ عَنها الطَلائِعُ

تَعَرَّضنَ بِالدَلِّ المَليحِ وَإِن يَرِد

حِماهُنَّ مَشعوفٌ فَهُنَّ مَوانِعُ

خَضَعنَ بِمَعروفِ الحَديثِ بَشاشَةً

كَما مُدَّتِ الأَعناقُ وَهيَ شَوارِعُ

فَيا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

بِحَيثُ اِطمَأَنَّت بِالحَبيبِ المَضاجِعُ

وَهَل أُلقِيَن رَحلي إِلى جَنبِ خَيمَةٍ

بِأَجرَعَ حَفَّتها الرُبا فَمُتالِعُ

وَهَل أَتبَعَنَّ الدَهرَ في نَهضَةِ الضُحى

سَواماً تُزَجّيهِ الحُمولُ الدَوافِعُ

سَقاها عَلى نَأيِ الدِيارِ خَسيفَةٌ

وَبِالخَطِّ نَضّاخُ العَثانينَ واسِعُ

أَجَشُّ جُمادِيٌّ إِذا عَجَّ عَجَّةً

وَأَقبَلَ يَستَتلي تُسَكُّ المَسامِعُ

يَحِطُّ الوُعولَ الشُهلَ مِن رَأسِ شاهِقٍ

وَلِلسِدرِ وَالدَومِ الطِوالِ المَصارِعُ

فَقُلتُ لِأَصحابي وَدَمعِيَ مُسبَلٌ

وَقَد صَدَعَ الشَملَ المُشَتَّتَ صادِعُ

أَلَيلى بِأَبوابِ الخُدورِ تَعَرَّضَت

لِعَينِيَ أَم قَرنٌ مِنَ الشَمسِ طالِعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان قيس بن الملوح، شعراء العصر الأموي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان قيس بن الملوح
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
قيس بن الملوح

قيس بن الملوح

قيس بن الملوح والملقب بمجنون ليلى لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى العامرية التي نشأ معها وعشقها فرفض أهلها ان يزوجوها به، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبه العذري، فيرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان عبد الغفار الأخرس
عبد الغفار الأخرس

رعى الله أيام السرور بحاجر

رعَى الله أيامَ السُّرورِ بحاجرٍ وعَهْدَ صَبابتي به وغرامي بحيثُ الهوى عذبُ المجاني بقربه ولا عهدَ لي من عادلٍ بملام وقد جَمَعتْنا لِلّذائذ ساعةٌ أحلَّتْ

ديوان النابغة الجعدي
النابغة الجعدي

وعمي الذي حامى غداة مناجل

وَعَمِّي الَّذي حامَى غَداةَ مَناجِلٍ عَنِ القَومِ حتّى فادَ غَيرَ ذَمِيمِ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان النابغة الجعدي، قصائد

ديوان عبد الغني النابلسي
عبد الغني النابلسي

صح قولي إن السماع دواء

صح قولي إن السماع دواءُ لجميع الأمراض فيه شفاءُ لكن النفع عند أصحاب ذوق وطباع سليمة لا جفاء ينشط المرء من عقال إذا ما صرخ

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر الشافعي - احفظ لسانك أيها الإنسان

شعر الشافعي – احفظ لسانك أيها الإنسان

اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ كَم في المَقابِرِ مِن قَتيلِ لِسانِهِ كانَت تَهابُ لِقاءَهُ الأَقرانُ — الإمام الشافعي Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في

من موشح زمان الوصل للسان الدين الخطيب

من موشح زمان الوصل للسان الدين الخطيب

في لَيالٍ كَتَمَت سِرَّ الهَوى بِالدُّجى لَولا شُموسُ الغُرَرِ مالَ نَجمُ الكأسِ فيها و هَوى مُستَقيمَ السَّيرِ سَعدَ الأثَرِ حِينّ لَذَّ النَومُ شَيئاً أو كَما

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً