صبرت عنك فلم ألفظك من شبع

صَبَرتُ عَنكَ فَلَم أَلفِظكَ مِن شَبَعِ


لَكِن أَرى الصَبرَ أَولى بي مِنَ الجَزَعِ


وَإِنَّ لي عادَةً في كُلِّ نازِلَةٍ


أَن لا تَذِلَّ لَها عُنقي مِنَ الضَرَعِ


لِذاكَ شَجَّعتُ قَلبي وَهوَ ذو كَمَدٍ


وَمِلتُ بِالدَمعِ عَنّي وَهوَ ذو دُفَعِ


ماضٍ عَلى وَقَعاتِ الدَهرِ إِن طَرَقَت


غَدا بِحَملِ أَذاها جِدُّ مُضطَلِعِ


وَحاسِرٍ يَتَلَقّى كُلَّ نائِبَةٍ


تُدمي فَيَصبِرُ فيها صَبرَ مُدَّرِعِ


ما غاضَ دَمعِيَ إِلّا بَعدَما اِنحَدَرَت


غُروبُهُ بَينَ مُنهَلٍّ وَمُنهَمِعِ


لَولا اِندِفاعُ دُموعِ العَينِ غالِبَةً


لَم يُعقِبِ الصَبرُ دَمعاً غَيرَ مُندَفِعِ


في اليَأسِ مِنكَ سُلُوٌّ عَنكَ يُضمِرُهُ


وَقَبلَ يَومِكَ يَقوى الحُزنُ بِالطَمَعِ


ما كانَ ذَيلُكَ مَسدولاً عَلى دَنَسٍ


وَلا نِطاقُكَ مَعقوداً عَلى طَمَعِ


ما شِئتَ مِن لينِ أَخلاقٍ وَمَكرُمَةٍ


وَمِن عَفافٍ وَمِن فَضلٍ وَمِن وَرَعِ


لِلَّهِ نَفرَةُ وَجدٍ لَستُ أَملِكُها


إِذا تَذَكَّرتُ إِخوانَ الصَفاءِ مَعي


يُواصِلُ الحُزنُ قَلبي كُلَّما فُجِعَت


يَدي بِحَبلٍ مِنَ الأَقرانِ مُنقَطِعِ


أَلقى الغَمامُ حَواياهُ عَلى جَدَثٍ


نَزَلتَ مِنُه بِمَلقىً غَيرِ مُتَّسِعِ


في حَيثُ لا طَمعٌ يوماً لِذي طَمَعٍ


في أَن يَعودَ وَلا رُجعى لِمُرتَجِعِ


لا عَينَ تَنظُرُ إِن أَرسى بِعَقوَتِها


زَورٌ وَلا أُذُنٌ عِندَ النِداءِ تَعي


وَهَوَّنَ الوَجدَ أَنَّ المَوتَ مُشتَرَكٌ


فينا وَأَنّا لِذا الماضي مِنَ التَبَعِ


هِيَ الثَنايا إِلى الآجالِ نَطلَعُها


فَمِن حَثيثٍ وَمِن راقٍ عَلى ظَلَعِ


كَالشاءِ يُعذَلُ مِنّا غَيرُ مُكتَرِثٍ


عَيّاً وَيوعَظُ مِنّا غَيرُ مُستَمِعِ


الآنَ يَعلَمُ أَنَّ العَيشَ مُختَلَسٌ


وَأَنَّنا نَقطَعُ الأَيّامَ بِالخِدَعِ


هَيهاتَ لا قارِحٌ يَبقى وَلا جَذَعٌ


عَلى نَوائِبِ كَرِّ الأَزلَمِ الجَذِعِ


إِنَّ المَنايا لَشَتّى بَينَ طارِقَةٍ


هَوناً وَنافِرَةٍ عَن هَولِ مُطَّلَعِ


إِمّا فَناءً عَنِ الدُنيا عَلى مَهَلٍ


أَوِ اِعتِباطاً يُغادي غُدوَةَ السَبُعِ


ما لِلَّيالي يُرَنِّقنَ المُجاجَةَ مِن


شُربي وَيوبينَ مُصطافي وَمُرتَبَعي


عَدَت عَوادي الرَدى بَيني وَبَينَكُمُ


وَأَنزَلَتكَ النَوى عَنّي بِمُنقَطِعِ


وَشَتَّتَت شَملَكَ الأَيّامُ ظالِمَةً


فَشَملُ دَمعي وَلُبّي غَيرُ مُجتَمِعِ


أُخَيَّ لا رَغِبَت عَيني وَلا أُذُني


مِن بَعدِ يَومِكَ في مَرأى وَمُستَمَعِ


وَلا أَراكَ بِقَلبٍ غَيرِ مُصطَبِرٍ


إِذا أَهابَ بِهِ السُلوانُ لَم يُطِعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد
شارك هذه القصيدة
ديوان الشريف الرضي
تابع عالم الأدب على الشبكات الاجتماعية
الشريف الرضي

الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها.

قصائد ودواوين شعر قد تعجبك أيضاً:

ديوان القاضي الفاضل
القاضي الفاضل

بكت دارهم والصب يبكي عفاءها

بَكَت دارُهُم وَالصَبُّ يَبكي عَفاءَها وَعَزَّزَ إِرزامَ المُلِثِّ بِثالِثِ وَلَم يَستَمِع فيها أَحاديثَ مُرسِلٍ وَلَكِن رَأى فيها حَديثَ الحَوادِثِ وَقَد كانَ مَبعوثاً إِلَيها مِنَ الصَبا

ديوان محيي الدين بن عربي
محيي الدين بن عربي

وغادرة قد غادرت بغدائر

وَغادِرَةٍ قَد غادَرَت بِغَدائِرٍ شَبيهِ الأَفاعي مَن أَرادَ سَبيلا سَليماً وَتَلوي لينَها فُتُذيبُهُ وَتَترُكُهُ فَوقَ الفِراشِ عَليلا رَمَت بِسِهامِ اللَحظِ قَوسَ حاجِبٍ فَمِن أَيِّ شَقٍّ

ديوان ابن زيدون
ابن زيدون

وما ضربت عتبى لذنب أتت به

وَما ضَرَبَت عُتبى لِذَنبٍ أَتَت بِهِ وَلَكِنَّما وَلّادَةٌ تَشتَهي ضَربي فَقامَت تَجُرُّ الذَيلَ عاثِرَةً بِهِ وَتَمسَحُ طَلَّ الدَمعِ بِالعَنَمِ الرَطبِ Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان

اخترنا لك هذه مجموعة من الاقتباسات الشعرية الملهمة:

شعر البحتري - كلانا مظهر للناس بغضا

شعر البحتري – كلانا مظهر للناس بغضا

كِلاَنا مُظْهِرٌ للنَّاسِ بُغْضاً وكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ وأَسْرَارُ المَلاَحِظِ لَيسَ تَخْفَى وقَدْ تُغْرِي بِذِي اللَّحْظِ الجُفُونُ وَكَيْفَ يَفُوتُ هَذَا النَّاسَ شَيْءٌ ومَا في القَلبِ

أخفي الهوى ومدامعي تبديه - ابن الفارض

أخفي الهوى ومدامعي تبديه – ابن الفارض

أُخفِي الهَوَى ومَدامِعِي تُبدِيهِ وأُميتُهُ وصَبَابَتي تُحيِيهِ فَكأنَّهُ بالحُسنِ صورَةُ يوسفٍ وكَأنَّني بالحُزنِ مِثل أبيه — ابن الفارض Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في أبيات شعر غزل

شدة الزفرات !

شدة الزفرات !

أَأَسبَلتَ دَمعَ العَينِ بِالعَبَراتِ وَبِتَّ تُقاسي شِدَّةَ الزَفَراتِ وَتَبكي لِآثارٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ فَقَد ضاقَ مِنكَ الصَدرُ بِالحَسَراتِ أَلا فَاِبكِهِم حَقّاً وَأَجرِ عَلَيهِمُ عُيوناً لِرَيبِ الدَهرِ

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
لقد تم اشتراكك بنجاح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة لتصلك شروحات وقصائد بشكل اسبوعي

تعليقات

الاعضاء النشطين مؤخراً