قصة لافظ بن لاحظ شيطان امرىء القيس

قصة لافظ بن لاحظ شيطان امرىء القيس

ذكر مطرف الكناني عن ابن دأبٍ قال: حدثني رجلٌ من أهل زرود ثقةٌ عن أبيه عن جده قال: خرجت في طلب لقاحٍ لي على فحلٍ كأنه فدن يمر بي يسبق الريح حتى دفعت إلى خيمةٍ، وإذا بفنائها شيخٌ كبيرٌ، فسلمت فلم يرد علي، فقال: من أين وإلى أين؟ فاستحمقته إذ بخل برد السلام، وأسرع إلى السؤال؛ فقلت – من هاهنا- وأشرت إلى خلفي، وإلى هاهنا- وأشرت إلى أمامي،

فقال: أما من ههنا فنعم؛ وأما إلى ههنا، فوالله ما أراك تبهج بذلك، إلا أن يسهل عليك مداراة من ترد عليه! قلت: وكيف ذلك أيها الشيخ؟ قال: لأن الشكل غير شكلك، والزي غير زيك، فضرب قلبي أنه من الجن، وقلت: أتروي من أشعار العرب شيئاً؟ قال: نعم! وأقول، قلت: فأنشدني، كالمستهزىء به، فأنشدني قول امرىء القيس: الطويل

قفا نَبكِ من ذِكرَى حَبيبٍ ومَنزِلِ

بسِقطِ اللّوَى بينَ الدَّخولِ فحَومَلِ

فلما فرغ قلت: لو أن امرأ القيس ينشر لردعك عن هذا الكلام! فقال: ماذا تقول؟ قلت: لامرىء القيس، قال: لست أول من كفر نعمةً أسداها! قلت: ألا تستحي أيها الشيخ، ألمثل امرىء القيس يقال هذا؟

قال: أنا والله منحته ما أعجبك منه! قلت: فما اسمك؟ قال: لافظ بن لاحظ. فقلت: إسمان منكران. قال: أجل! فاستحمقت نفسي له بعدما استحمقته لها، وأنست به لطول محاورتي إياه؛ وقد عرفت أنه من الجن، فقلت له: من أشعر العرب؟ فأنشأ يقول: الكامل

ذهَبَ ابنُ حُجرٍ بالقَريضِ وَقَوْلِه

وَلَقَدْ أَجادَ فَما يُعابُ زيادُ

للَّهِ هاذِرٌ إذْ يَجُودُ بقَولِهِ،

إنَّ ابنَ ماهرَ بَعْدَها لَجَوادُ

قلت: من هاذر؟ قال: صاحب زياد الذبياني، وهو أشعر الجن وأضنهم بشعره، فالعجب منه كيف سلسل لأخي ذبيان به، ولقد علم بنيةً لي قصيدةً له من فيه إلى أذنها ثم صرخ بها: أخرجي فدىً لك من ولدت حواء! فقلت له:

ما أنصفت أيها الشيخ، فقال: ما قلت بأساً؛ ثم رجعت إلى نفسي، فعرفت ما أراد، فسكت ثم أنشدتني الجارية: الوافر

نأَتْ بسُعادَ عَنك نوىً شَطونُ

فَبانَتْ والفُؤادُ بها حَزينُ

حتى أتت على قوله منها:

كذلكَ كانَ نُوحٌ لا يَخُونُ

قال: لو كان رأي قوم نوحٍ فيه كرأي هاذر ما أصابهم الغرق! فحفظت البيتين ثم نهض بي الفحل، فعدت إلى لقاحي.

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في قصص من التاريخ

قد يعجبك أيضاً

تعليقات