قصة حسان مع النعمان وعطاياه للنابغة

قصة حسان مع النعمان وعطاياه للنابغة

وذكر محمد بن عثمان عن أبي علقمة عن مفالج بن سليمان عن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن زيد عن عمر بن الخطاب عن حسان بن ثابت، رضي الله تعالى عنه، أنه حدثه، أنه وفد على النعمان بن المنذر قال:

فلما دخلت بلاده لقيني رجلٌ فسألني عن وجهي وما أقدمني، فأخبرته، فأنزلني، فإذا هو صائغٌ، فقال: مما أنت؟ فقلت: من أهل الحجاز، قال: كن خزرجياً! قلت: أنا خزرجي، قال: كن نجارياً! قلت: أنا نجاري! قال: كن حساناً! قلت: أنا حسان، قال: كنت أحب لقاءك، وأنا واصفٌ لك أمر هذا الرجل وما ينبغي لك أن تعمل به في أمره.

إنك إذا لقيت حاجبه وانتسبت وأعلمته مقدمك أقام شهراً لا يرد عليك شيئاً، ثم يلقاك، فيقول: من أنت؟ وما أقدمك؟ ثم يمكث شهراً لا يرد عليك شيئاً، ثم يستأذن لك، فإذا دخلت على النعمان، فستجد عنده أناساً، فيستنشدونك؛ فلا تنشدهم حتى يأمرك، فإذا أمرك، فأنشده، فيستزيدك من عنده، فلا تزده حتى يستزيدك، هو، فإذا فعلت، هذا، فانتظر ثوابه وما عنده، فإن هذا ينبغي لك أن تعرفه من أمره.

قال حسان: فقدمت إلى الحاجب، فإذا الأمر على ما وصف لي، ثم دخلت على النعمان، ففعلت ما أمرني به الصائغ، فأنشدته شعري ثم خرجت من عنده، فأقمت أختلف إليه، فأجازني وأكرمني، وجعلت أخبر صاحبي بما صنع، فيقول: إنه لا يزال هكذا حتى يأتيه أبو أمامة، يعني النابغة، فإذا قدم، فلا حظ فيه لأحدٍ من الشعراء.

قال:فأقمت كذلك إلى أن دخلت عليه ليلةً، فدعا بالعشاء، فأتي بطبيخٍ، فأكل منه بعض جلسائه، فامتلأ، فضحك بطالٌ كان يكون بباب النعمان، فغضب وقال: أبجليسي تضحك؟ أحرقوا صليفيه بالشمعة! فأحرق صليفاه.

قال حسان: فوالله إني لجالسٌ عنده، إذا بصوتٍ خلف قبته، وكان يوماً ترد فيه النعم السود، ولم يكن للعرب نعم سود إلا للنعمان، فأقبل النابغة فاستأذن، فقدم، وهو يقول: السريع

أنامَ أَمْ يَسمعُ رَبُّ القُبَّه،

يا أَوْهَبَ النّاسِ لِعيسٍ صُلْبَه

ضَرَّابةٍ بالمِشفَرِ الأذبَّه،

ذاتِ تَجافٍ في يَدَيها حَدْبَه

قال: أبو أمامة، أدخلوه! فأنشده قصيدته التي يقول فيها: الطويل

وَلَسْتَ بِمُسْتَبقٍ أَخاً لا تَلُمّهُ

على شعَثٍ، أيُّ الرّجال المهذَّبُ

فأمر له بمائة ناقةٍ فيها رعاؤها ومطافيلها وكلابها من السود.

قال حسان: فخرجت من عنده لا أدري أكنت له أحسد على شعره، أم على ما نال من جزيل عطائه، فرجعت إلى صاحبي، فقال: انصرف، فلا شيء لك عنده سوى ما أخذت.

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في قصص من التاريخ

قد يعجبك أيضاً

تعليقات