قصة حسان بن ثابت مع النابغة وعلقمة الفحل
قال حسان بن ثابت: أتيت جبلة بن الأيهم الغساني وقد مدحته، فأذن لي فجلست بين يديه، وعن يمينه رجل له ضفيرتنان، وعن يساره رجل لا أعرفه، فقال: أتعرف هذين؟ فقلت: أما هذا فأعرفه، وهو النابغة ( الذبياني )، وأما هذا فلا أعرفه. قال: فهو علقمة بن عبدة ( الفحل )، فإن شئت استنشدتهما وسمعت منهما، ثم إن شئت أن تنشد بعدهما أنشدت، وإن شئت أن تسكت سكت. قلت: فذاك. قال: فأنشده النابغة:
كليني لِهَم يا أميمة ناصـب … وليل أقاسيه بطيء الكواكب.
قال حسان: فذهب نصفي. ثم قال لعلقمة: أنشد. فأنشد:
طحا بك قلب في الحسان طروب … بعيد الشباب عصر حان مشيب.
قال حسان: فذهب نصفي الآخر. فقال لي: أنت الآن أعلم، إن شئت أن تنشد بعدهما أنشدت، وإن شئت أن تسكت سكت.قال حسان: فتشددت ثم قلت: لا بل أنشد. قال: هات. فأنشدته:
لله درُّ عصابة نادمتهم … يوماً بجلق في الزمان الأولِ.
يمشون في الحلل المضاعف نسجه … مشي الجمال إلى الجمال البزل.
الخالطون فقيرهم بغنيهم … و المشفقون على الفقير المرمل.
أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية الكريم المفضل.
يغشون حتى ما تهر كلابهم … لا يسألون عن السواد المقبل.
يسقون من ورد البريص عليهم … بردي يصفق بالرحيق السلسل.
بيض الوجوه كريمة أحسابهم … شمّ الأنوف من الطراز الأول.
فقال لي: ادنه، ادنه، لعمري ما أنت بدونهما. ثم أمر لي بثلثمائة دينار، وعشرة أقمصة لها جيب واحد، وقال: هذا لك عندنا في كل عام.
Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مقالات
تعليقات