رسالة عدو لدود كاره للغة العربية!

قضى زمانكِ ، فيم اللومُ والتهمُ؟

والرأسُ بالشيب يا شمطاءُ يضطرمُ

يا دردبيسُ ملأتِ الجو مَلهبة

والدارُ طفّ بها التحريضُ والوغم

قد فض فوكِ ، فلا أسنانَ تعمره

وفي شرايينكِ العجفاء جفّ دم

قد انحنى الظهرُ رغم الأنف عن وهَن

ونال مأربَه من حُسْنكِ العدَم

غفا لسانكِ ، فاللثغاتُ تغمرُه

وسال منه صديدٌ بعضُه اللعم

وصفحة الوجه قد غارتْ بشاشتها

وحل ضيفاً – على عبوسها – الوَجَم

والوجنتان لظىً أودى بواحدةٍ

وشوّهَ الحُسنَ – في أختٍ لها – الضرم

عينان واحدة تشكو العمى أبداً

وأضرمَ النارَ – في أختٍ لها – السَدَم

أذنان واحدة لا سمْع يُتحفها

وأبعدَ الصوتَ – عن أختٍ لها – الصمم

والحاجبان على كل مصائبُه

هذي التجاعيدُ قد جاءتْ بها القصُم

والأنفُ أرخى – على الشفاه – أرنبة

كأنما أكلتْ نتوءه الحَلَم

وفي الجبين تلوّى الجلدُ مُهترئاً

وسَوّد الهامة المَشطورة الفحَم

والشَعرُ قد ذبحتْ فيه أنوثته

حتى تمرّقتِ الأهدابُ واللمَم

كفان كفٌ شوى عُروقها بَرَصٌ

وأختها جُدِعتْ ، كأنها جِذَم

والساعدان فمشلولٌ بلا شلل

وآخرٌ هدّه التقتير والوَرَم

حتى الأصابعُ غاصت في ارتعاشتها

حوافرٌ تلك ، تشكو عيبَها النعم

والقلبُ شاخت – على الأيام – نضرته

وبات يطلبُه – في الغفلة – الرَجَم

والروحُ ملتْ جفا شيب يُعذبها

هل الشبابُ استوى يا قوم والهِرَم؟

والجسمُ عُرجونة ماتت شبيبتها

فهل يُعيد لها شبابَها الحَجَم؟

والنفسُ هولُ الأسى أدمى سَريرَتها

من بعد أن رجّها – من شيبكِ – السأم

والرِجلُ قوسٌ ثوتْ سِهامُ جُعبتها

فليس تحملها – لعجزها – القدَم

سَفعاءُ أنتِ ، وما بالغتُ في صفةٍ

فهل يَزينكِ ماسٌ بعضُه القضُم؟

يا حيزبونُ ، تخلي عن مكابرةٍ

فمثلكِ – اليوم – يشكو دُودَها الأدَم

كفاكِ فخراً بأمجادٍ مُزيّفةٍ

لن تخدع الناسَ لا تلك الفِرى الجُسُم

أعرابُكِ البُلهُ ما سادوا ، وما سبقوا

وما استطالوا على الهيجا وما غنموا

وشِعرهم لم يكن إلا محاولة

فما له قيمة تغري ، ولا رَنَم

علا عُواؤكِ بالتنديد مُرْعِدة

وقبلُ أخزاكِ – يا مغرورة – البَكَم

قصُرتِ عن لغة الحضارة انطلقتْ

ولفظكِ اليوم – في الحاسوب – ينهزم

كل اللغات – على أشلائكِ – ارتفعتْ

وفيكِ قد قوّضتْ – يا هشّة – الدعَم

وأهلك – اليوم – قد مَلوا عُروبتهم

هيَ التخلفُ والإظلامُ والنقم

رَطانة الغرب أحلى منكِ ، إن لها

طعماً إذا سُبكتْ يَشوبُه النغم

بضاعة أنتِ – في الأسواق – كاسدة

يأبى الركونَ لها الأعرابُ والعَجَم

سُوحُ الحياة أبتكِ – اليوم – خادمة

وطلقتْ نحوَكِ الأجناسُ والأمم

وهذه لغة الأقوام ، فاستمعي

يلهو بها القسُسُ الرهبانُ والنهُم

والإنجليزية الشهباءُ لؤلؤة

وأنتِ غيهبة في جوفها الظلَم

شتان شتان ما هذي مقارنة

البُرءُ هل يستوي – يا ناسُ – والتهُم؟

فالإنجليزية انسابت قواعدُها

فأصبحتْ دُرراً ، كأنها النجُم

أصحابُها نصبوا في نشرها صُحُفاً

وشمّروا عن نفير الجد ، واعتصموا

رعَوْا حقوق الألى شادوا مبانيَها

والناطقون بها بين الورى احترموا

وكافأوا من سعى دوماً لنهضتها

بمهرجانَ له أقيمتِ الخِيَم

بها تكلّم مَن يأتي أراضيَها

لسانُه طلقٌ ، وما به لَسَم

غزتْ ممالكَ أهل الأرض قاطبة

والسهلُ يشهدُ ، والكثبانُ والأكَم

بأي حرفٍ حواسيبُ الدنا انطلقت؟

لسانُ (إنكلترا) كأنه العَلَم

بأي حرفٍ علومُ الأرض قد درستْ؟

حبلٌ هيَ الضادُ – بين الناس – منصرم

بأي حرفٍ قواميسُ العلوم أتتْ؟

لو سُطرتْ بلسان الضاد تنبهم

الطب والفلك الدوّار هل كُتبا

بضادكم؟ أخبروا ، للعلم فاحتكموا

والمنطق الفذ هل صاغته ضادكمُ؟

لا تستطيعُ ، إذن يخونها القلم

لسانُ ضادكمُ هل خط فلسفة؟

لقد يَحَار إذا تعنو له الفهُم

لا تصنعون ، وكل الناس قد صنعوا

بابُ الصناعة مفتوحٌ لمن عزموا

لا تزرعون ، وكل الناس قد زرعوا

والمرءُ يُلقي النوى ، والزارعُ الحكم

بل تشترون ، وهذا كل جهدكمُ

وسوف تقتلكم – بسيفها – التخم

صناعة الشيء أعتى مِن تجارته

وليس يُدرك ما سطرتُ منهزم

العالة الغِر هل تلقى له أدباً؟

مَن في العروبة والإسلام يُتهم

حتى غدوتم لكل الناس مائدة

وقد تداعتْ – على إنهائها – الأمم

تنازلوا عن لسان الضاد ، واغتربوا

كي تفلحوا ، وعمادَ المجد تقتسموا

خذوا – عن الغرب – أعرافاً تُجمّلكم

فإن أعرافكم تعافها الرمم

خذوا – عن الغرب – عاداتٍ تُزيّنكم

عاداتُ داركمُ – في عصرنا – جُرُم

خذوا – عن الغرب – قانوناً يُطوّركم

فمنه تنبثقُ الأوزانُ والقِيَم

لا تقصِروا الأخذ في الآلات منتجة

لا يسمع النصحَ مَن تغره التهم

تقدّم الغربُ ، وانحلتْ مشاكله

ولم تزرْ أهله الأوجاعُ والإزم

لسانه كان ذرباً في حضارته

عذباً فراتاً ، وتغشى لفظه الحِكَم

يُواكبُ العصرَ والعمرانَ في لغةٍ

العُرْبُ والعُجْمُ والدنيا لها خدم

ومَن تمكن منها حاز مَكْرُمة

وركبُه عند صِيدِ الناس مُزدحم

وتُقبَل اليوم – بين الناس – شُفعته

وحقه – بين أهل الأرض – مُحترم

له يُلانُ الحديدُ الصلبُ إن نزلتْ

قوارعُ الدهر ، أو حلتْ به الغمَم

إني لأنصحُ ، والدنيا ستشهدُ لي

الضادُ شاخت ، وأردتْ بأسها القحَم

فغسّلوها – بماء المزن – في وجل

وفي الوجوه ليبدُ الحزنُ والألم

وكفنوها ، ودُسُوا في عباءتها

براءة حبرُها – فوق القماش – دم

وبعدُ صلّوا عليها في تقىً ورجا

وفي الجنازة رُشوا الوردَ يبتسم

ثم ادفنوها ، وعزوا مَن يُشاطرُكم

حزناً عليها ، ليأتِ الأهلُ والحَشم

وغرّبوا الدارَ والأعرافَ ، وارتطنوا

بلهجة الغرب ، نعم اللفظ والنغم

وودّعوا العِمَم الرّعناءَ إن نبستْ

لن تُفلحوا أبداً إن ظلتِ العِمَم

الغربُ شبّ عن الطوق المُعيق له

فأحرقتْ كُتبٌ ، وذبّحتْ نهُم

وصاية الله كان الغربُ جانبَها

أحكامُ دين طغتْ كأنها الشكُم

هذي الكنائسُ بات الغربُ يهجرُها

حتى الأناجيلُ أخفى سطرها الضرم

إن الحضاراتِ والأديانَ ما اجتمعتْ

حضارة تبتني ، ودينُها الهَدَم

تبرّأ الغربُ من أحبار مِلّتهِ

وأعلن الحربَ ، ثم احتال ينتقم

حتى النحاريرُ في العلوم قتّلهم

وهولُه – اليوم – ضد الدين مُحتدِم

فإن أردتم أيا أعرابُ عِزتكم

فالغربُ قدوتكم ، والرأي منصرم

هذي الحضارة لن ترضى تديّنكم

صنوان دينٌ يُرى في الدار والعدم

هذي الحضارة لن تحيا بضادكمُ

وأهلها – في الأنام – الجوقة الغشُم

ففكروا في الذي ناصحتكم ، وزنوا

كل الأمور لكي يغدو لكم شَمَم

لا تبطئوا السيرَ في درب يُبلّغكم

أليس منكم حكيمٌ نابهٌ فقِم؟

حضارة الغرب يا أعرابُ قِبلتكم

هيَ الحياة زهتْ ، والبيتُ والحَرَم

وإن بدأتم بها مَنحىً ومُتجهاً

فاليُسْرُ رائدُكم ، والسعدُ مُختتم

حضارة الغرب قِسط مِن حضارتكم

وكان بينهما – رغم الجفا – رحِم

تقاسما الدور ، (روزا) أختُ (عائشةٍ)

ولم يكن – في الدنا – كهذه قِسَم

(روزا) تُغني – على القيثار – راقصة

فيُمتع الناسَ صوتٌ بعضُه الرنم

وقد تُذيعُ – على الأسماع – نشرتها

وقد تمثل ، والجمهورُ ينسجم

وقد يراها سوادُ الناس لاعبة

بعُشر ثوب ، ولا لومٌ ولا ندم

لسانُ لهجتها – في الغرب – مَولدهُ

بالإنجليزيّة الغيداء مبتسم

والأختُ (عائشة) في البيت قد حُبستْ

تتلو القراْن ، وهذا الجهد محترم

وقد تهَم فترعى بعض ماشيةٍ

ومِن عباءتها تستأنسُ الغنم

حضارتان فذي الدنيا مقاصدُها

وتلك بالدين والقرآن تعتصم

فالاثنتان على خير ومَعدلةٍ

وليس بينهما – يا ناسُ – مصطدم

تكمّلان حياة الناس مَن رغبوا

دنيا الإله ومَن للسلم يحتكم

فالدينُ لله ، والدنيا لمن خلقوا

والناسُ أحرارُ لو عن الرشاد عَمُوا

يا ضادُ كُفي عن الهُراء ، وانتبهي

فعُتبُكِ – اليوم – للأعراب متهم

لا تركبي الموجَ ، إن البحر منتفضٌ

كما ترَيْن ، علتْ أمواجُه البُهُم

لا تنبشي الجيلَ ، إن الجيل في شغل

رطانة الغرب أكلٌ ذاك مؤتدِم

لا تطمعي أن يعود الجيلُ مُلتحفاً

زي العروبة ، لا يذهبْ بكِ العشم

فلملمي النحوَ والصرفَ الملئ دجىً

وزايلي الشِعرَ ، مأوى شِعركِ السخم

وخففي ثورة التحريض ، قد ذهبتْ

أيامُ مجدكِ ، فيم الظن والوَهَم؟

دعي التصابيَ ، آياتُ الشباب مضتْ

وجاءكِ الشيبُ ، منكِ الشيبُ ينتقم

مثل العجوز خبتْ فحوى أنوثتها

وليس يردعُها المشيبُ والهِرَم

طغى جؤاركِ ، والأعرابُ ما سمعوا

أسماعُ أغلبهم حتماً بها صمم

ولّى زمانكِ ، والأيامُ ماضية

والعربُ ضاعوا ، وطال الليلُ والغسَم

لولا أحبك ما ناصحتُ مُحتملاً

أذى النصيحة يسعى فيه مجترم

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات