البؤس ليس فضيلة بين الناس.

أرى أنّه من جرب ساخراً أن يشير إلى آلامَ و بؤسَ النفوس المضطهدة ، فكأنه لوّحَ بالسيف على رقابهم.
الألم هو أكثر ما تقدّسه تلك الفئة من الناس، فهم متيمين بآلامهم ، و لا يستطيعون التخلي عنها؛ فالألم بنظرهم هو ما يمثلهم و يعرّفُ عنهم و وعن ماهية ذاتهم.
وجلّ ما تجدهم يتحدثون عنه هي آلامهم و معاناتهم؛ فهي شغلهم الشاغل في الحياة كأنّهم في سباق عليها، و بدونها يشعرون بأن لا قيمة لهم، فالألم بنظرهم قيمة تضاف إليهم يتسولون بها !
و لدى تلك الفئة من المضطهدين، متبجحين يتفاخرون بمدى ألمهم بطريقة غير مباشرة و مبطنة سواء كان ذلك عن إدراك تام منهم أو دون وعي.
و كلما إزداد ألمهم و حزنهم شعروا بأنهم ارتفعوا منزلة و نبلاً بين الناس، بل كأنهم صفوة مختارة مضطهدة من الجميع، لظنّهم أن الحياة تدور حولهم فقط؛ فلا يعيرون اهتماما لمآثر الآخرين إلا بالقسوة و الإستهزاء عليهم، و يبقى في نظرهم أن لا أحد يضاهيهم حزناً و بؤساً ، و أنّهم الأكثر مدعاة للشفقة.
هذا ما ينكرونه دائما لجهلهم و أحيانا إستنكاراً من عارٍ قد يحيط بهم، أو خوفا من إعتراف أنفسهم بهذه الحقيقة المخيبة التي وصلوا إليها . . .
– مصطفى شحادة
Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في قصص، مشاركات الأعضاء، مشاركات عامة، مقالات
تعليقات