إدواردو و طليعة نيومان القشتالي.

تأسست مملكة أرمينيا بعد انفصالها عن السلالة البقدورنية و انفرادها بالحكم عام 1045 من السلاجقة بعد مرور حوالي عشرين سنة و نيفا.و لهذه الواقعة التاريخية قصة عجيبة وغريبة.. إذ قال بعض المؤرخين لتلك الحقبة الزمنية أن السبب الرئيسي لتوليها زمام الأمور هو تضارب المصالح بين الحكام خاصة فيما يعني كيفية اختيار الجند و توزريعهم للمقاتلين ضد المسلمين العرب، الذين زادت شوكتهم، و صاروا يشكلون خطرا كبيرا للمسيحية و في عقر دارها!!

سمع قائد الجيش حينها المدعو إدواردو، الذي كان يقطن بمقاطعة ليون، كما شهد الحرب الأهلية لمملكة قشتالة قرب جزيرة أيبيريا، و يعرف جيدا أن القائد البربري طريف ابن مالك و جنوده لا يزالون متعطشين لمواصلة سعيهم الحثيث في جميع بقاع العالم شرقا و غربا لنشر الرسالة المحمدية، و تحطيم الصليب كما تمليه عليهم الشريعة السماوية في القرآن الكريم، الذي نزل لمحو كل كافر دجال ينكر الربوبية و وحدانية الخلق لهذا الكون الفسيح.

لما اعلن المسلمون دولتهم الجديدة بالأندلس، سميت بغرناطة من طرف بني الأحمر ،على يد جبان و أرجونه محمد بن يوسف سنة 1237م، كنيته محمد الخزرجي من سلالة بن هود الذي قضى على جذور الدولة الموحدية، و تولى بنفسه الحملات الصليبية بمساعدة القائد فريناند الثالث ملك قشتالة، فآلت إليه الخلافة بمساعدة بني الاحمر و أعوانه.

و لشدة العداء الذي كان يكنه لأحد القادة الذين تمسحو و آثروا الارتداد عن ملتهم بعد الحرب الأهلية، خاصة بعد أن قتل المسلمون والده في تلك الحرب المشؤومة، فاضطر للنزوح إلى روما مؤقتا، و غير اسمه من زبير إلى جورج نيومان، ثم عاد و تسلم قيادة الجيوش الصليبية و ظن أن لن يكتشف أمره أحد، لكن القائد إدواردو المحنك تعرف عليه بمحو الصدفة، فلما شاركا معا في حملة سارت نحو الجزيرة الخضراء لغرض التجسس و معرفة حال المسلمين هنالك، عند بلوغهم المدينة متخفين بزي مزارعين يبحثون على المشاتل و الثمار ذات الجودة العالية، شاهده و هو يبتاع بعضا من المساحيق و العقاقير من دكانة هنالك، و لما اقترب منه انبعثت رائحة عرقه، و في لحظة غير متوقعة، تراءت له ذكرى غريبة في صباه، لما كان غضا يافعا يتدرب على حمل السيف مع اقرانه بالقلعة، كان هناك طفل معهم شديد الولع بالعطور و البخور ،حيث والده يعمل بالعطارة أياميها، و كان الصغار يضحكون عليه كونه شديد الزينة و التطيب،و لما كبر و حدث ما حدث بقشتالة، سمع أن أسرته قد أسلمت كلها بعد سقوط الأندلس على يد موسى ابن النصير.. 

عمد القائد إدواردو إلى تقسيم الجيوش لثلاثة أجزاء متساوية، كما تعود فعله مرات عديدة، ثم قام بتكليف نيومان لحمل الطليعة، لكنه أبى و عاند رأيه بحجة قلة العدد، فما كان من إدواردو سوى إضافة نحو ألفين من الجنود المشاة لارضاءه، فوافق نيومن عن مضض، أما بقية الجيش، فتولى كل من القائد الملقب دومينيك من رومانيا قلب الجنود، في حين أن المأخرة كانت من نصيب القائد التركي المكنى ابراهام سالومي، و لكنه في الحقيقة يهودي الأصل، و قيل أنه تمسح هو و عائلته الآشورية، ذات العرق الضارب لسلالة سام بن آشور من أبناء النبي نوح عليه السلام، و الذين سكنوا بلاد ما بين الرافدين بالعراق.

سار جيش الصليبيين لمواجهة الزحف الإسلامي، و حسب ما بلغهم من أخبار واردة عن خصمهم، أن المدد جاءهم عبر البحر ومن كل جانب، حتى كونوا جيشا قويا عددا و عدة، فخشي إدواردو أن يهزم هو و جنوده مرة ثانية، و قد يحقق العدو هدفه و يتوغل أكثر إلى غاية أسوار فينا!! لذا كان يطوف بين اتباعه و يشد عزيمتهم على القتال و الضفر بهذه المعركة الحاسمة و إلا ذهبت ريحهم.. و بدوره جمع نيومن جنود الطليعة و حاول التقرب منهم و معرفتهم، فوجد أن غالبيتهم من الذين اتبعوا النصرانية اليعقوبية، و ينحدرون من بلاد الخزر بالقرب من نهر فولغا، فلما شحن قواهم و تهيأ كل واحد بموقعه بالطليعة، تفطن لوجود بضع منهم قليل القوة و هزيلا، فتعجب لم اختارهم إدواردو لتولي هذا المكان الحساس بالجيش، فقد يصيبهم سيف العدو من أول منازلة فيخسرونها من بدايتها.. فسكت و لم يفصح عن الأمر و ساروا معا للمعركة، كان يقاتل بشراسة و في نفس الوقت يتحرى أولئك الجنود العشر، فوجد أنهم في الأول اصطفوا  على شكل مستقيم، و كان كل اثنين يصارع واحدا من الجنود المسلمين حتى يصرعه و يرديه قتيلا، بعدها يمتطي قاتله جواد الآخر و يأخذ آخرهما سيفه و يواصل العراك في الجهة المخالفة، كأنه ينتمي حقا لجيوش المسلمين؟!  و بعد مرور بعص الوقت، وجد أنهم قل عددهم فظن أن حتما قد لقوا مصرعهم لا محالة، حينها قرعت الطبول و زاد وهيج الحرب و هب كل للقتال من كلا الجيشين، و في حين غرة زاد عدد المسلمين و هو في حيرة و يخال أن الكفة لا تزال لصالح جنوده، و يا للعجب، و في لمح البصر، استطاع المسلمون افتكاك النصر مجددا، و هو يكاد لا يصدق ذلك، كيف تمكنوا من افتكاك الفوز مرة أخرى؟!! فما قولك من هذا الحديث؟

أقول: إن الحرب خدعة، و لا يمكن التنبؤ لها إلا إن دخلت غمارها، فكما تحكم فيها الصليبيون في البداية، تمكن المسلمون بقلب الكفة و قلبوا الموازين في نهاية المواجهة، فخطتهم كانت جد ذكية، و يبدوا عليهم معرفتهم الكلية لأساليب القتال المتبعة من قبل الصليبيين الذين لا يزالون لا يعرفون عدوهم القادم من صحراء الحجاز.. يقول تعالى:(.. ثم رددنا لكم الكرة عليهم و أمددناكم بأموال و بنين و جعلناكم أكثر نفيرا..)الإسراء أية-6-ص282.






Recommended1 إعجاب واحدنشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات